مصــــــر الثــــــــورة : يونيو 2013

بقلم : محمد غالى

المتمردون وسقوط الدولة الإخوانية

قارب العام الأول على الإنتهاء بعد إختيار أول رئيس مدنى لمصر بعد ثورة 25 يناير ، وبنهاية الشهر الحالى سيكون الرئيس فى موعد مع المتمردين على وجوده ، بل وعلى شرعيته من الأساس ، وذلك نتيجة للكثير من الأزمات السياسية والإقتصادية التى مرت وتمر بها مصر خلال هذا العام من حكم الرئيس أو حكم جماعته ، فليس هناك فارق يذكر بين السلوك أو الموقف السياسى للرئيس وجماعته ، فما يهوى لجماعة الاخوان وحزبها السياسى بصبح قرارا رئاسيا فى الحال ، وما توافق عليه الحماعة وحزبها السياسى يوافق عليه الرئيس ، ومن يعادى أو يعارض الجماعة وحزبها فهو يعادى الرئيس نفسه .

عام إستحوذ فيه الإخوان على كل السلطات عدا القضائية منها والتى تمثل المعترك السياسى الحالى للجماعة ، فتارة تكون السلطة التشريعية فى يد الرئيس ، وتارة أخرى فى يد مجلس الشورى الاخوانى دون أى سند تشريعى أو دستورى ، فقط بإعلان دستورى لايليق بمطامح الثورة ، ولا يسعى لتحقيق مطالبها المتمثلة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ، ولا يخدم الشعب ، بل يخدم النظام ويعطيه المزيد من السلطات ليوقع المزيد من الظلم على الشعب دون أى فروق تذكر بينه وبين النظام السابق .

عام قارب على الإنتهاء ولم تتحرك مصر خطوة واحدة نحو طريق الدول المتقدمة ، بل تتفاقم الازمات الاقتصادية ولم تتخذ الحكومة الموارد والثروات المتنوعة والمتاحة فى مصر من أجل تعظيم الناتج القومى مثلا ، بل جائت لتقترض ليس من أجل إستثمار أموال تلك القروض ، ولكن فقط لسد العجز وتغطية النفقات العامة ، ومع ذلك الشعب يعانى من أزمات الكهرباء التى فى إنقطاع مستمر وطوابير دامية أمام محطات البنزين من أجل الحصول على قليل من اللترات ، ولم نشهد بعد تحسنا ملحوظا فى الصحة والتعليم وغيرها من الحقوق التى من المفترض ان يكفلها الدستور للمواطنين دون الحاجة الى أن يتسولوا للحصول عليها ، بالاضافة الى أزمة سد النهضة الاثيوبى الذى سيتسبب فى تأثيرات سلبية على حصة مصر من مياه النيل والرئيس وحكومته فى فاصل من الهرتلة واللامبالاه ولم يحركو ساكناُ من اجل القضية حتى الان إلا بحوار مخزى اثر بالسلب على القضية .

كل تلك الأزمات الاقتصادية هى بالطبع وليدة لأزمات سياسية ، والرئيس وجماعته لم يتطور فكرهم بعد ليحاكى سياسات الدول المتقدمة أو لا تهمهم هذه السياسات من الاساس ، الأهم والأولى أن تسير الدولة وفقا لسياسات ومخططات الجماعة ، دون النظر لأى إعتبارات أخرى ، فالوطن يعانى بكل طوائفة والجماعة منزوعة الوطنية لا تفكر فى كل هذا ، تفكر فقط فى ما يخصها ، وسياسة الاقصاء التى تمارسها الجماعة هى من ستدفع ثمنها فى غضون أيام قلائل .

الديمقراطية المشبوهة هى من أتت بهؤلاء الى سدة الحكم ، وهى أيضا من صنعت عاصرى الليمون ، وهى من تزيف الإرادة الشعبية ، وتأتى بأنظمة ليس لها الحق فى أن تحكم بعد ثورة قامت لتصحيح المسار السياسى من الولاء للخارج أو لحزب أو جماعة الى الولاء للوطن ، وتحقيق ما هتف به الشهداء والثأر لدمائهم التى ذهبت من أجل أن يضعوا مصر على أول طريق الحرية والعدل .

الدور الإقصائى الذى يقوم به الرئيس وجماعته سيلقى بهم فى معارك لا قبل لهم بها مع الغاضبون من الشعب ، والمسرحية الهزلية التى شاهدناها فى استاد القاهرة بزعم نصرة السوريين دليل قاطع على ضعف موقف الرئيس وجماعته ، لماذا بعد أنهار من الدماء فى سوريا يلجأ اليوم ليقطع العلاقات مع النظام السورى ، والجماعة تحشد رعاياها وهى تظن أنها بذلك تدعم شرعية الرئيس وببضعة ألاف من دعاة الجهاد والتكفير، فأين هم من سالف الدم ، وماذا قدموا أو يقدموا هم الأن للمستضعفين فى سوريا ، فقط هى كلمات لا أكثر ودعوات مشينه لما يسمونه جهاد النكاح أساءت للدين والدنيا .

حقبة الإخوان الى زوال ولن تكون إلا مساراً سياسياُ تجريبيا تمهيداُ للمسار السياسى الصحيح ، وإن كان ذلك التصحيح على يد المتمردين أو غيرهم فلن ترضى مصر ولا شعبها أن يحكمهما فصيل أو حزب أو جماعة ، ومن ينتهج الاقصاء سيكون مصيره الرحيل كمن سبقوه ، ومصر ستقوم على رباط ووحدة من أهلها بمشيئة الله .