أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة اليوم مرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب والقانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى
أمه التى ماتت غضبانة عليه دعت فى العشر الأواخر من رمضان أن يفضحه الله فضيحة القطط، لكن الله تعالى كان أشد غضبا عليه منها، ففضحه فضيحة تهون إلى جوارها فضيحة القطط.
لو رأيته وهو يبكى بالدموع بين يدى أشهر أطباء الأمراض الجلدية فى البلاد، محاولا تقبيل قدميه لكى يشوف له حلا فوريا للكارثة التى حاقت به، لما صدقت أنه أهم رؤساء تحرير الصحف وأقربهم إلى قلب رئيس البلاد. «أبوس إيدك يا دكتور.. عندى معاد مع سيادة الريس بكرة الصبح، ولو دخلت عليه بالريحة اللى طالعة من إيدى دى هيضيع كل اللى عملته فى حياتى.. مستقبل عيالى بين إيديك يا دكتور». الطبيب غالب قرفه من الرائحة الشنيعة ثم غالب ذهوله من عدم وجود مسببات عضوية لها، ثم غالب رغبته الملحة فى الشماتة، وبعد أن غُلُب حماره، فلم يجد بدا من نطق الجملة اللعينة التى لا يتمنى مريض سماعها أبدا من فم طبيب «عملنا اللى علينا والباقى على ربنا»، وعندما انهار رئيس التحرير على أرض العيادة اضطر أن يمد له حبل الأمل قليلا وينصحه بالذهاب فورا إلى طبيب نفسى شهير، وعندما قال له رئيس التحرير وهو ينهنه، إنه لا يستطيع أن يذهب إلى هذا الطبيب تحديدا، لأنه فاتح على المعارضة. وَاصَلَ ذو الجلدية جدعنته وأجرى عدة اتصالات حتى توصل إلى طبيب نفسى بارع و«مالهوش فى السياسة»، وفور خروج رئيس التحرير جاريا صوب الأمل، غالب طبيب الجلدية رغبته الدنيئة فى تناسى سطور قسم أبقراط والتسييح لمريضه، ثم قرر أن يتقى الله ويكتفى بمشاطرة زملائه من أطباء الجلدية فى الحالة العلمية الفريدة التى عاينها للتو، والتى قد تصلح موضوعا لبحث ترقية عنوانه «كيف تنبعث رائحة الفضلات الآدمية من يد نظيفة وسليمة عضويا؟».
على شيزلونج الطبيب النفسى وبعد ساعتين من النخربة فى ماضيه وأحلامه وعلاقاته الجنسية، اضطر لأن يقاطع الطبيب مذكرا بأن الوقت ليس فى صالحه، خصوصا وقد زادت حدة الرائحة بعد كل ذلك الرغى، والطبيب صمت قليلا ثم رجاه أن يتحمل صراحته خصوصا أنه سيضطر لأول مرة أن يتكلم فى السياسة، وقبل أن يستوعب رئيس التحرير معنى الجملة الأخيرة بادره الدكتور شارحا أن ما حدث له حالة نادرة، لكنها مذكورة فى كتب الطب، سببها عقدة ذنب كامنة بدأت تتفاعل بداخله منذ اللحظة التى انقلب فيها على ماضيه وسخّر قلمه لنفاق الرئيس والخوض فى أعراض معارضيه، لم يستطع الصبر طويلا على توصيف الطبيب، فقاطعه بحدة «طب والحل يا دكتور»، والطبيب اضطر أن يجرى للحظة وراء إفيه ألح عليه قائلا «مش معقول يعنى تقطع إيدك»، قبل أن يعتذر له عن عدم اللياقة ويقترح عليه إجراء تطهيريا يزيل الرائحة قبل شروق الشمس، ورئيس التحرير هتف بعزم ما فيه «أبوس إيدك إلحقنى بيه».
عندما دخلت زوجته إلى مكتبه وش الفجر لتطمئن عليه، نجحت للحظات فى إظهار أنها لا تشم شيئا مساندة له، لكن مقاومتها انهارت فورا وغادرت الغرفة مسرعة قبل أن تدرك أنه حتى لحظة دخولها لم يكن أبو عيالها قد كتب سطرا واحدا من المقال العلاجى الذى اشترط الطبيب تقديمه لسيادة الرئيس فى الغد، يده لم تطاوعه أن يقتطع فقرة واحدة من كل ما يختزنه من ركام وقائع الفساد والنهب المنظم والعمولات والصفقات والفضائح، وفيما كانت يده عاجزة عن الحركة على بياض الصفحة كانت عقارب الساعة تجرى أمام ناظريه باتجاه موعده التاريخى، تسابقها رائحة يده الكريهة التى كلما ازدادت نفاذا ازداد معها وضوح صورة الخراب الذى سيحيق به عند دخوله على الرئيس، سواء بمقاله التطهيرى، أو برائحة يده النجسة.
الشيطان وسوس إليه أن يختبر حل الطبيب أولا قبل أن يتخذ قراره، وعندما كتب فقرة واحدة فقط عن امتياز مناجم الفوسفات الذى حصلت عليه مؤخرا شركة أجنبية بعد أن دفعت الذى فيه القسمة، فوجئ أن الرائحة خفّت فورا، ليتأكد له صدق الطبيب ويصبح أمام اختيار تاريخى لم يجابه مثله أبدا، وبعد أن قرأ ما بقى فى وجدانه من أذكار الصباح، اتخذ القرار وتوكل على الله.
وفى الصباح عندما دخل إلى مكتب الرئيس منشرح الصدر، منفرج الأسارير، مرفوع الرأس، أصيب الرئيس بالذهول، وصرخ فى كاتبه المقرب «يا نهار إسود.. إيه اللى حصل.. مين اللى قطع إيدك؟».
من مجموعة «السيرك المصرى» تحت الطبع بإذن الله.
مع خالص الاعتذار لأستاذنا صنع الله إبراهيم وروايته الجميلة «تلك الرائحة».
لو رأيته وهو يبكى بالدموع بين يدى أشهر أطباء الأمراض الجلدية فى البلاد، محاولا تقبيل قدميه لكى يشوف له حلا فوريا للكارثة التى حاقت به، لما صدقت أنه أهم رؤساء تحرير الصحف وأقربهم إلى قلب رئيس البلاد. «أبوس إيدك يا دكتور.. عندى معاد مع سيادة الريس بكرة الصبح، ولو دخلت عليه بالريحة اللى طالعة من إيدى دى هيضيع كل اللى عملته فى حياتى.. مستقبل عيالى بين إيديك يا دكتور». الطبيب غالب قرفه من الرائحة الشنيعة ثم غالب ذهوله من عدم وجود مسببات عضوية لها، ثم غالب رغبته الملحة فى الشماتة، وبعد أن غُلُب حماره، فلم يجد بدا من نطق الجملة اللعينة التى لا يتمنى مريض سماعها أبدا من فم طبيب «عملنا اللى علينا والباقى على ربنا»، وعندما انهار رئيس التحرير على أرض العيادة اضطر أن يمد له حبل الأمل قليلا وينصحه بالذهاب فورا إلى طبيب نفسى شهير، وعندما قال له رئيس التحرير وهو ينهنه، إنه لا يستطيع أن يذهب إلى هذا الطبيب تحديدا، لأنه فاتح على المعارضة. وَاصَلَ ذو الجلدية جدعنته وأجرى عدة اتصالات حتى توصل إلى طبيب نفسى بارع و«مالهوش فى السياسة»، وفور خروج رئيس التحرير جاريا صوب الأمل، غالب طبيب الجلدية رغبته الدنيئة فى تناسى سطور قسم أبقراط والتسييح لمريضه، ثم قرر أن يتقى الله ويكتفى بمشاطرة زملائه من أطباء الجلدية فى الحالة العلمية الفريدة التى عاينها للتو، والتى قد تصلح موضوعا لبحث ترقية عنوانه «كيف تنبعث رائحة الفضلات الآدمية من يد نظيفة وسليمة عضويا؟».
على شيزلونج الطبيب النفسى وبعد ساعتين من النخربة فى ماضيه وأحلامه وعلاقاته الجنسية، اضطر لأن يقاطع الطبيب مذكرا بأن الوقت ليس فى صالحه، خصوصا وقد زادت حدة الرائحة بعد كل ذلك الرغى، والطبيب صمت قليلا ثم رجاه أن يتحمل صراحته خصوصا أنه سيضطر لأول مرة أن يتكلم فى السياسة، وقبل أن يستوعب رئيس التحرير معنى الجملة الأخيرة بادره الدكتور شارحا أن ما حدث له حالة نادرة، لكنها مذكورة فى كتب الطب، سببها عقدة ذنب كامنة بدأت تتفاعل بداخله منذ اللحظة التى انقلب فيها على ماضيه وسخّر قلمه لنفاق الرئيس والخوض فى أعراض معارضيه، لم يستطع الصبر طويلا على توصيف الطبيب، فقاطعه بحدة «طب والحل يا دكتور»، والطبيب اضطر أن يجرى للحظة وراء إفيه ألح عليه قائلا «مش معقول يعنى تقطع إيدك»، قبل أن يعتذر له عن عدم اللياقة ويقترح عليه إجراء تطهيريا يزيل الرائحة قبل شروق الشمس، ورئيس التحرير هتف بعزم ما فيه «أبوس إيدك إلحقنى بيه».
عندما دخلت زوجته إلى مكتبه وش الفجر لتطمئن عليه، نجحت للحظات فى إظهار أنها لا تشم شيئا مساندة له، لكن مقاومتها انهارت فورا وغادرت الغرفة مسرعة قبل أن تدرك أنه حتى لحظة دخولها لم يكن أبو عيالها قد كتب سطرا واحدا من المقال العلاجى الذى اشترط الطبيب تقديمه لسيادة الرئيس فى الغد، يده لم تطاوعه أن يقتطع فقرة واحدة من كل ما يختزنه من ركام وقائع الفساد والنهب المنظم والعمولات والصفقات والفضائح، وفيما كانت يده عاجزة عن الحركة على بياض الصفحة كانت عقارب الساعة تجرى أمام ناظريه باتجاه موعده التاريخى، تسابقها رائحة يده الكريهة التى كلما ازدادت نفاذا ازداد معها وضوح صورة الخراب الذى سيحيق به عند دخوله على الرئيس، سواء بمقاله التطهيرى، أو برائحة يده النجسة.
الشيطان وسوس إليه أن يختبر حل الطبيب أولا قبل أن يتخذ قراره، وعندما كتب فقرة واحدة فقط عن امتياز مناجم الفوسفات الذى حصلت عليه مؤخرا شركة أجنبية بعد أن دفعت الذى فيه القسمة، فوجئ أن الرائحة خفّت فورا، ليتأكد له صدق الطبيب ويصبح أمام اختيار تاريخى لم يجابه مثله أبدا، وبعد أن قرأ ما بقى فى وجدانه من أذكار الصباح، اتخذ القرار وتوكل على الله.
وفى الصباح عندما دخل إلى مكتب الرئيس منشرح الصدر، منفرج الأسارير، مرفوع الرأس، أصيب الرئيس بالذهول، وصرخ فى كاتبه المقرب «يا نهار إسود.. إيه اللى حصل.. مين اللى قطع إيدك؟».
من مجموعة «السيرك المصرى» تحت الطبع بإذن الله.
مع خالص الاعتذار لأستاذنا صنع الله إبراهيم وروايته الجميلة «تلك الرائحة».
