بقلم : محمد غالى
الى متى سيستمر هذا المسلسل من النفاق البيِن الذى لم تنتهى حلقاته بعد ، ومنذ الوهلة الاولى للثورة وإنقضاض هؤلاء المنافقين عليها ، وهم يأتوا علينا بالاكذوبة تلو الاخرى وما خفى كان أعظم ، عهودا وأمانى وأحلام وردية التفُوا بها حول الارادة الشعبية ،وفى استغلال واضح المعالم لظروف سياسية وإقتصادية بالغة فى السوء من أجل الوصول الى الحكم واستخدام السلطة فيما يحلو لهم من مخططات لإحكام قبضتهم على الدولة ومؤسساتها لتطبيق ما يرغبوا فيه من سياسات فاسدة رجعية تخريبية ، ستدفع البلاد الى سقوط مفاجىء سياسيا واقتصاديا على المدى القريب اذا لم يتم تدارك الموقف على وجه السرعة ، ومازلت اكرر ان الخطأ يكمن فى اننا اغفلنا مدى اهمية تشكيل مجلس رئاسى مدنى وكتابة الدستور أولا، وهو العقد المبرم بين الشعب والسلطة الحاكمة بدلا من ان نأتى برئيس يحكمنا بدستوره الخاص ، بالاضافة الى عامين وهم مدة حكم المجلس الرئاسى ،وهما كافيين لتقييم مسار العمل السياسى لاى مرشح لمنصب الرئيس خلالهما ونكون قد انتهينا من كتابة الدستور ، وهذا ما نوهت به فى مقال سابق على منبر الشروق وبشكل مفصل بعنوان "ماذا لو كان الدستور أولاً" ، ونحن الان نتحمل عواقب هذا الخطأ فى مسار التحول السياسى نحو الدولة المدنية ، مما ادى الى سقوط السلطة فى يد جمعية الاخوان المنافقين بعدة فواصل من الاحتيال السياسى ، واستعلال المواطن المصرى المطحون اقتصاديا وفكريا ونفسيا ، وارضاخه لأن يكون عبدا للمال السياسى .
سأوجه بعض الدلائل على نفاق هؤلاء لبعض ممن يستفزوننا بالدفاع عنهم ، ويعترفون بنواياهم الحسنة وتطلعهم للاصلاح فقط لاجتذاب هؤلاء ببعض الشعارات الدينية التى بالمناسبة قد اقر باستخدامها مجلس شوراهم لانها هى المسلك الوحيد او الاكثر نجاحا فى تجربتهم فى التأثير على أغلبية الشعب من المسلمين ، مسلسل النفاق هذا لا يسعنى الوقت كى اقدم لكم جميع حلقاته كاملة إما لانه مسلسل مفتوح ليس له نهاية باستمرار هؤلاء فى السلطة وعلى انفاسنا ، أو لأنى لا يسعنى الوقت لمزيد من البحث والتقصى لأجد المزيد من الاكذوبات والعهود التى اُخلفت والأمانات التى أهدرت بحق الدولة والمواطن بالتبعية ، بداية من اتفاقهم مع العسكر لدعمهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية ،مقابل مساندتهم للعسكر فى تمرير الاعلان الدستورى فى مارس بدعوة الناس للتصويت بنعم ، بحجة انه نصرة للدين وللمادة الثانية من الدستور ، غير ان هذه المادة لم ولن تتغير فى اى دستور جديد بحكم الاغلبية المسلمة فى الدولة ، ثم تأتى الانتخابات البرلمانية ، ويستغل المال السياسى والوعود الزائفة لحصد اغلب المقاعد ،ويساندهم المجلس العسكرى ولجنته العليا المديرة للانتخابات ، رغم انتهاكاتهم للقوانين المنظمة وفترة الصمت الانتخابى .
وتأتى الانتخابات الرئاسية على الابواب وفى اعلان رسمى لجمعية الاخوان المنافقون انهم لن يدفعوا بمرشح لرئاسة الجمهورية ، ثم بعد ذلك نجد خيرت الشاطر مرشح اساسى ومحمد مرسى مرشح احطياطى ،وفى شىء من الحنكة السياسية تستبعد اللجنه العليا للانتخابات خيرت الشاطر لابعاد قانونية ، نظرا لانه لم يبت بعد فى اصدار المجلس العسكرى عفو عام عنه ، ولانه لا يعد من اعمال السيادة وانه بمثابة قرار إداري يجوز الطعن عليه أمام قضاء مجلس الدولة ، وبعيدا عن الخوض فى تفاصيل اكثر تستغل الجماعة قدرتها على الحشد لدعم مرشحها محمد مرسى ليصل الى مرحلة الاعادة ، وباعتبار ان التجربة الديمقراطية نزيهة ، ومن حسن حظ العسكر ان تتم الاعادة بين اثنين احدهما من الجماعة وتربطهم علاقات وطيدة ودعم مشترك والاخر امتداد للنظام السابق .
يفوز محمد مرسى بعد ان طبعت له الجماعة ملايين البوسترات التى تحمل مشروعا للنهضة ،وملايين اخرى طبع عليها مشروع المائة يوم ،وملايين اخرى أنفقت على ادارة حملة اعلانية فى كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ، ويبدأ ولايته ليكمل مشروع الجماعة ويتم ما تبقى من اتفاقيات وترتيبات مع الجماعة الام ، بتأمين خروج العسكر من الحياة السياسية دون المحاسبة على قرابة عامين سقط فيهم شهداء قاموا بالضغط على العسكر لنقل السلطة اليه كرئيس مدنى منتخب ، وهو قد باعهم عيانا بيانا ليس ذلك فحسب بل يستمر على نهج جماعته من اجل التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة ، ويسعى الى اقالة النائب العام ليأتى بنائب خاص لخدمته هو وجماعته ثم تمرير دستور اقل ما يقال عنه انه معيب وأفسد الحياة السياسية كما يقول البعض .
إنها مفارقات وضحة وجليَة ، عندما ننظر الى مشروع النهضة الذى ظهر خيرط الشاطر فى حديث ينكر وجود هذا المشروع ، ويقول انه عبارة عن تصورات مبدئية ، ومشروع المائة يوم الذى تنصلت منه الحكومة هى الاخرى فى اول حديث لها فى وسائل الاعلام حيث وضحت انها ليست مرتبطة فى خطتها بمعدل زمنى محدد ، بالاضافة الى تلك السبل القذرة التى استخدمت فى الاستحواز على السلطة ، أخرها محاولة توريط شيخ الازهر فى حادث تسمم طلاب المدينة الجامعية حتى يتثنى لهم الاطاحة بشيخ الازهر بعد ان رفض مشروع الصكوك الاسلامية .
والى منحى اخر من النفاق الذى يتمثل فى عدائهم لاسرائيل والادارة الامريكية ثم بعد وصولهم للسلطة يتوددون لاسرائيل كما فى مراسلات الرئيس الذى كان يظهر العداء الشديد للصهاينة فى حديثه قبل الثورة ومرشد الجماعة الذى استضاف فى مقره بالمقطم السفيرة الامريكية ووزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون والوزير الحالى جون كيرى ، بالفعل نحن امام عملية استنساخ للنظام السابق وفى مدى متسارع جدا ، الاخوان كالحزب الوطنى ، نفس المبادىء وتتبادل الادوار والشخصيات تنتهج نفس السياسات التى تهدد بانهيار مؤسسات الدولة .
لا داعى لعرض المزيد من نفاق هؤلاء يكفى ذلك للحكم عليهم من منظورى الشخصى اما انتم يا من تدعموعم وتنتظرون ان يأتى الخير على ايديهم فلا طبتم ولا طاب ممشاكم ، كيف لتلك العقول التى قبعت فى السجون لسنوات عدة ناهيك عن إن كانو مظلومين ام لا ان تستوعب شيئاً عن ادارة دولة بحجم مصر ، كيف لتلك العقول التى تربت على السمع والطاعة والولاء لجماعة المنافقين ان تبتكر وتطور نظام سياسى بحجم النظام السياسى المصرى ، وعواقب ذلك ما ترونه الان من تردى الاوضاع على صعيدى السياسة(الداخلية-الخارجية) والاقتصاد الكلى والجزئى .
يا من رفعتم شعار "الاسلام هو الحل" اين انتم من الاسلام ؟! ، اليوم الاسلام برىء منكم ومن افعالكم ،الى من سينسب فشلكم وخيانتكم لوعودكم ، انتم المنافقون حقا ، والنص بيِن حيث قال تعالى :( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ( 62 ) سورة التوبة ، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا اؤتمن خان ) ، ايها الاخوان المنافقين حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا ، واستقيموا يرحمكم الله .