السبت، 9 مارس 2013

سترحل قريباً أيها الرئيس

 بقلم: محمد غالى

إذا وضعنا نصب اعيننا نظام مبارك والى جواره نظام مرسى على سبيل المقارنة ، سنجد ان الجرائم السياسية والجنائية متشابهة ،  المبدأ واحد والعقيدة  واحدة ،  الاختلاف فقط فى كم الجرائم ، وهذا متناسب مع فترة حكم كل منهما ، فالحقبة ذات الثلاث عقود من الزمن من الطبيعى أن تكون جرائمها اكثر من الاخرى التى لم تتجاوز العام بعد ،  ولكن تنوع الجريمة المتوفر فى كلا النظامين يجعل كل منهما يستحق السقوط لا محاله .

من حيث الفساد المالى،  يأخذ نظام مبارك النصيب الاكبر، ومن حيث الفساد الادارى يحتل نظام مرسى المركز الاول، سواء بمؤسسة الرئاسة والحكومة التى لا تفقه شىء عن ادارة الازمات ،او حتى تنفيذ برنامج وهمى لاوجود له من الاساس ، فقط إستخدم كدعاية إنتخابية على بوسترات مرسى فى الانتخابات الرئاسية ، بالإضافة الى برنامج المائة يوم الذى تنصلت منه الحكومة فى اول بيان لها والتى شكلها الرئيس صاحب المشروع من الاساس ، مما يوضح ان الرئيس عند اختياره الحكومة لم يكن هناك اى تنسيق لتنفيذ برنامج المائة يوم ، ولكن تم التنسيق على اهداف اخرى بعيده عن الوطن والمواطن،  وأوضحت الحكومة فى اول بيان لها انها ستقوم بإصلاح مايمكن فى ظل الظروف المتاحة لها دون الارتباط بخطط زمنية معينة .

ويأتى على رأس قائمة الفساد الادارى لنظام مرسى مشكلة الامن،  التى اثارت مشكلات اخرى عديدة بالتبعية ، فعلى سبيل المثال ليس الحصر،  نجد ان الفراغ الامنى هو من ادى الى هروب الاستثمار بكافة أشكاله ، وانهيار النشاط السياحى،  واعاقة عمليات النقل التجارىة،  مما انعكس على الاقتصاد القومى بالسلب،  وبنتائج لا تحمد عقباها،  وتسير بالدولة المصرية نحو الافلاس على المدى القريب .

نأتى الى بعد اخر ألا وهو الفساد السياسى،  نلاحظ ان فى نظام مبارك كانت أزمته السياسية تتلخص فى السعى الى التوريث وإحتكار الحكم لحزب واحد ،والولاء للإدارة الامريكية ، والتطبيع مع اسرائيل  ، وعلى الجانب الاخر (نظام مرسى)  نرى ان توريث الحكم يتم بصورة اشمل،  وبدستور فاسد يضع قواعد لسيطرة الاخوان على كيانات الدولة واقامة دولة إخوانية صرف .

 ونلاحظ ايضاً العلاقة الوطيدة مع الادارة الامريكية ، من زيارة جيمى كارتر" الرئيس السابق للولايات المتحدة والذى كان طرفا فى توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل (كامب ديفد)  "  لمقر جماعة الاخوان الى زيارة جون كيرى التى تظهر الدعم السياسى للإخوان والرئيس من قبل الادارة الامريكية حتى تطمئن على مصالح اسرائيل برعاية الرئيس مرسى ، ناهيك عن تبادل الاتصالات الهاتفية التى تبرز التدخل السافر فى الشأن السياسى المصرى .
بالإضافة الى خطابات تحمل الثناء لرئيس وزراء اسرائيل ، بعد ان كانو قبل الانتخابات أعداءً لمصر والاسلام فى احاديث الاخوان الصحفية قبل الانتخابات ، ومازال الغاز المصر يصدر لإسرائيل حتى يومنا هذا ،  أليس كل ماسبق يستدعى مزيداً من الغضب الشعبى ضد هذا النظام المتواطىء .


وإلى مفارقة هى الاخطر بين النظامين من حيث الجرائم الجنائية ، والتى تتمثل فى التعذيب وقتل المتظاهرين ، نلاحظ التشابه الواضح ، غير أن التعذيب فى نظام مرسى يتم فى بعض الحالات علناً ، كما شاهدنا سحل مواطن امام الاتحادية،  ودهس اخر تحت مدرعة فى المنصورة ، ومنها جرائم فضحتها كاميرات الصحفيين والمدونين سواء القتل برصاص حى، أو التعذيب حتى الموت كما حدث مع الجندى وكريستى،  والطفل عمر بائع البطاطا ، الذى يعتبر ضحية لكلا النظامين أحدهما دسّه فى غيابات الفقر مما دفعه الى ترك المدرسة وهو فى الصف الثانى الابتدائى لضيق احوال اسرته ، وذهب ليبيع البطاطا فجاء نظاما أخر ليقتله وكأن الارواح لاتساوى شىء وسط فجور الحكام .

أيها الرئيس ، أراك تسعى الى مزيد من اقصاء معارضيك ،ولا تفعل الا ما يرضيك ويرضى جماعتك ، حكومة اللا مبالاه ،  ورئيس اذنُ من طين والاخرى من العجين ، والشارع السياسى يعانى من الانقسام والاستقطاب السياسى المشبوه  ، والدولة تعانى اضراب هنا وعصيان هناك ، والغضب يتزايد يوما تلو الاخر ، والجهاز الامنى فى عهد مبارك ليس هو الان كى يحمى نظامك ، والشعب الذى اسقط مبارك هو نفسه القادر على اسقاط نظامك  ليعود الى نقطة الاصل بعد التنحى ،  ليبدأ تصحيح المسار ويبدأ بالدستور اولاً وليس بدكتادور جديد ، سترحل قريباً أيها الرئيس- فليعيننا الله- .
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Blogger Gadgets